- عن سعد بن عبادة (رضي الله عنه) أنه قال: يا رسول الله إن أم سعد ماتت، فأي الصدقة أفضل؟ قال: الماء، فحفر بئراً، وقال: " هذه لأم سعد".[17]
[6]آراء المذاهب الفقهية في ملكية الموقوف الاتجاه الأول :يرى أن ملكية الموقوف تبقى ثابتة للواقف وتقيد هذه الملكية بعدم التصرف في رقبتها بأي نوع من أنواع التصرف، وهذا هو اتجاه الإمام مالك ومن تبعه. الاتجاه الثاني :يرى أن ملكية الموقوف تنتقل من الواقف إلى الموقوف عليهم، وهو مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومن نحا نحوه. الاتجاه الثالث:يرى أن ملكية الموقوف تنتقل من الواقف إلى الله عز وجل، وهو مذهب الإمامين الشافعي وأبي حنيفة. يقول ابن حزم: (إن الحبس ليس إخراجا إلى غير المالك بل إخراج إلى أجل المالكين، وهو الله سبحانه وتعالى). حكمة مشروعية الوقف
إن إعطاء المنفعة للموقوف عليه يكون على أساس مساعدته صونا لماء وجهه وحفظا لكرامته وذلك من أجل التقرب إلى الله عز وجل. وهذا الإعطاء هو الذي يعبر عنه بالصدقة التي حث عليها النبي عليه السلام، فالصدقة التي يراد بها الوقف تبقى مستمرة العطاء بينما الصدقة التي لا يراد بها ذلك تنقضي ويحتاج الفقراء إلى صدقات مثلها.
صيغ الوقف القولية:
أما الصيغة القولية فذكر أن لها صريحًا وكناية. يقول: " صريحة: وقفت وحبست وسبلت. وكنايته، يقول: تصدقت وحرمت وأبدت.
فإذا قال: وقفت هذا الكتاب أو حبسته أو سبلته، أصبح وقفًا ولزومه، ولم يجز له بعد ذلك بيعه، وأصبح ينتفع به من احتاج إليه، أو من وقف عليه. وكذلك لو قال: حبست هذا المكبر وجعلته لله، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، أصبح بهذه الكلمة وقفًا، وأصبح لازمًا، خرج عن ملكه، ولا يحق له أن يرجع فيه.
وكذا لو قال: سبلت هذا المكيف، خرج عن ملكه. كلمة "سبلت" صريحة في أنه أراد بذلك إخراجه وجعله وقفًا، وكذلك "وقفت وحبست" هذه عبارات صريحة.
وأما الكنايات: "تصدقت وحرمت وأبدت." الغالب أن كلمة "تصدقت" أنها لإخراجه، ولتمليكه للمتصدق عليه، فإنه إذا قال: تصدقت بهذا الثوب على فلان، فإن المتصدق عليه يملكه. ولكن إذا قال: تصدقت به -بهذا الثوب أو بهذه العباءة- لمن يحتاج إليه من المسلمين، جاز ذلك، وخرج عن ملكه، وأصبح وقفًا.
ولا بد من النية، أنه ينوي أنه وقف. وأما قوله: حرمت. فالأصل أن التحريم هو المنع، ولكن قد يريد بقوله: حرمت -يعني: حرمت بيعه وحرمت تمليكه-أن يملكه شخص، جعلته محرمًا على ورثتي، أو على شخص معين، فيصبح ينتفع به. فإذا نوى أنه وقف صار وقفًا.
وكذلك قوله: أبدت هذه الفرش يعني: أخرجتها من ملكي وجعلتها محرمة مؤبدة، ليس لي فيها تصرف، أصبح وقفًا بهذه الكلمة.
يشترطون النية مع هذه الكنايات: تصدقت وحرمت وأبدت. أن يكون ناويًا بذلك كونه وقفًا، أو يقترن به عبارة أخرى، كأن يقول: تصدقت به صدقة محرمة أو مؤبدة أو مسبلة أو محبسة أو موقوفة، أو يقول: تصدقت به صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث. فيفهم من ذلك أنه جعله وقفًا، وأنه أخرجه من ملكه حتى ينتفع به.